الأربعاء، 11 مارس 2009

حديقة الشيطان وسفاح المعادى بصقر قريش

«المصرى اليوم»
تقتحم حديقة «الشيطان» في المعادي الجديدة

حديقة عامة تتحول في الليل إلي وكر مفتوح لتعاطي المخدرات وممارسة الجنس الجماعي


تحقيق شيماء عبدالهادي - فاروق الدسوقي
تاريخ العدد الجمعة ٥ يناير ٢٠٠٧ عدد ٩٣٦


في منطقة المعادي الجديدة، يعيش سكان صقر قريش ومساكن الضباط والعرائس، حالة من الرعب غير مسبوقة في أي مكان آخر، فهناك مجرم طليق، أجمع كل ضحاياه علي أنه شاب في العشرينيات من عمره، يتعقب الفتيات الصغيرات والشابات في الشوارع ومداخل العمارات، ويطعنهن بآلة حادة ويتركهن غارقات في دمائهن ويختفي
،
وعلي الرغم من كثرة اعتداءاته علي الفتيات، حتي وصل الأمر إلي حد استقبال مستشفيات اليوم الواحد، لأكثر من ثلاث حالات في اليوم، بعضها ينتهي إلي الوفاة، فإن المجرم الذي ظهر في شهر رمضان الماضي، مازال طليقاً حتي الآن.

المجرم الطليق، ليس هو الرعب الوحيد الذي يطارد سكان المعادي الجديدة التي تحولت بعض حدائقها العامة إلي أماكن مهجورة لايجرؤ السكان علي الاقتراب منها، لأنها تتحول مع قدوم الليل إلي أوكار مفتوحة لتعاطي المخدرات وممارسة الجنس الجماعي.

واحدة من هذه الحدائق تقع علي بعد أمتار من مدرسة مصطفي كامل الابتدائية، وقد اعتاد سكان العمارات القريبة منها رؤية شبان يأتون بسيارات فارهة، حاملين معهم زجاجات الخمور ولفائف المخدرات، ومعهم أيضاً فتيات، وبعد لحظات من تعاطي المخدرات ينخرط الجميع في ممارسة الجنس الجماعي، دون أدني خوف من أحد، فهم مسلحون بآلات حادة، ويبدو أنهم يتمتعون بحماية لا يعرف مصدرها أحد من السكان.

«المصري اليوم» تحركت للبحث عن حقيقة الشكاوي التي تلقتها من بعض السكان، وكان طبيعياً أن نتحقق من الأمر أولاً في دفاتر مستشفيات اليوم الواحد.

في مستشفي اليوم الواحد بالبساتين سجلت دفاتر الاستقبال ثلاث حالات بإصابات متشابهة، الأولي لطفلة عمرها ١١ عاماً دخلت المستشفي الساعة ٣٠.٥ مساء يوم الأربعاء ٢٠/١٢ مصابة بطعنة غائرة في البطن، أدت إلي نزيف دموي حاد، وخلال لحظات قرر الأطباء نقلها بأقصي سرعة إلي قصر العيني، ولكن الطفلة المسكينة لم تحتمل، ولفظت أنفاسها الأخيرة في الطريق!
وفي اليوم التالي الخميس ٢١/١٢ سجل المستشفي في الواحدة ظهراً دخول فتاة تبلغ من العمر ١٧ سنة، أصيبت عند موقف صقر قريش بطعنة غائرة في مؤخرتها.

وبعدها بنصف ساعة، أي في الواحدة والنصف ظهر اليوم ذاته، دخلت منة (١١ سنة) مصابة بهبوط حاد في الدورة الدموية ونزيف شديد إثر طعنها في أعلي الفخذ، ومنة طفلة ينبض كل ما بها بالبراءة ولهو الطفولة، فوجئت يوم الخميس الماضي بشاب يضربها في مؤخرتها ويجري هارباً.

يقول والدها: «فوجئت ابنتي أثناء خروجها من مدرسة مصطفي كامل الابتدائية بشاب في العشرين من عمره تقريباً، يخرج سكيناً من جيبه الخلفي بسرعة، ودون أن يطلب منها أي شيء، ضربها في مؤخرتها وهرب، ونقلها بعض الأهالي إلي مستشفي اليوم الواحد لوقف النزيف الحاد الذي أصابها وعلاج الجرح الغائر الذي وصل إلي ١٠سم، وذهب إليها رئيس مباحث قسم البساتين وقامت الشرطة بعمل أكمنة في المنطقة وكثفوا التواجد الأمني، وبالفعل تم القبض علي أكثر من شاب ولكن عندما عرضوهم علي ابنتي لم تتعرف علي الشاب الذي طعنها، ومن يومها وابنتي في حالة نفسية سيئة جداً».
«وقائع الاعتداء في المنطقة أكثر مما نتصور»، هكذا بدأ محمد أحمد سليمان، الشاهد علي إحدي وقائع الاعتداء كلامه، وأكمل: «فوجئت أثناء تواجدي بالشقة في مساكن الضباط بالمعادي ظهر الخميس الماضي بصراخ طفلة صغيرة في الشارع فأسرعت أنا وزوجتي إليها ووجدناها غارقة في الدماء، وعندما ذهبنا بها إلي مستشفي علاج اليوم الواحد بصقر قريش لوقف نزيفها قال لنا مدير المستشفي إن هذه هي ثالث حالة يستقبلها المستشفي في نفس اليوم وبنفس الشكل».

ويضيف: «سمعت فيما بعد أن هناك شاباً يضرب البنات في أماكن حساسة من أجسادهن ويهرب ولم نسمع حتي الآن أن الأمن توصل إلي هذا الشاب، كما أنه لم يتم القبض علي الشباب الذين يتعاطون المخدرات جهراً بالشوارع دون رقيب أو حسيب».

عماد السيد، حارس مجمع مدارس مصطفي كامل، وأسماء بنت أبي بكر يقول:: «ابني في حالة رعب وفزع منذ أن سمع بإصابة زميلته في المدرسة يوم الخميس الماضي، لدرجة أنه يصحو من النوم مفزوعاً علي أن هناك رجلاً يريد أن يذبح الأطفال، ومن يومها وهو يخشي الذهاب إلي المدرسة».
ومن جانبه، يقول الدكتور أحمد مصطفي، إخصائي الجراحة العامة بمستشفي اليوم الواحد بالبساتين: «مساء يوم الأربعاء الماضي جاءت لي حالة جرح غائر بالبطن بطول ٣سم، ولكن أهلها طلبوا تحويلها إلي مستشفي قصر العيني، وعلمنا فيما بعد أنها ماتت».

ويضيف: «وفي ظهر يوم الخميس جاءت حالتان أخريان بإصابات غائرة أيضاً، وكان اللافت للنظر أن جميعهن وصفن الشاب الذي اعتدي عليهن بأنه في العشرين من عمره، ويطعنهن من الخلف ثم يفر هارباً».
وينفي د.مصطفي أن تكون هذه الإصابات نتيجة لأعمال البلطجة، ويقول: «الإصابات التي كثيراً ما كانت تأتي إلي المستشفي نتيجة لأعمال البلطجة لم تكن من هذا النوع، فالجروح هنا غائرة وتدل علي أن الفاعل شخص غير محترف لأن الإصابات جميعها جروح نافذة، وواضح أن الفاعل يقوم بضرب الفتيات بانتقام وفي المكان الذي تطوله يده».

أما ممرضات المستشفي فقد أجمعن تقريباً علي أن زميلتهن بقسم المحاسبة رأت الفاعل يمسك بيده مطواة وهو يصعد بسرعة في العمارة رقم ٢٥ من مساكن الضباط، ورغم محاولات البعض الإمساك به إلا أنهم فشلوا جميعاً، وقد وصفته زميلتهن بأنه قمحي اللون وطويل القامة وشعره خفيف جداً وفي وجهه أثر لجروح «خدوش سطحية» ويرتدي بدلة جينز، أما عمره فيتراوح بين ٢٠ و٢٥ سنة.

في إحدي عمارات منطقة مساكن العرائس، قال لنا عدد من سكانها إن وقائع الاعتداء علي الفتيات بدأت في شهر رمضان الماضي، وأكدوا أنهم في أحد أيام شهر رمضان فوجئوا بعد الإفطار بصراخ شابة في العشرين من عمرها، وعندما هرع إليها بعض السكان عرفوا أنها كانت في طريقها إلي العمل بإحدي الشركات الخاصة بالمعادي، وفجأة لاحظت شاباً يتبع خطواتها حتي وصلت إلي شارع جانبي، وفي لمح البصر طعنها من الخلف وفر هارباً، دون أن يحاول التحرش بها جنسياً أو حتي يحاول سرقتها، فقط طعنها بآلة حادة وهرب، وفوجئنا بعدها بدماء غزيرة تسيل منها!

ويعلق محمد يوسف، محاسب بوزارة الأوقاف، وأحد سكان المنطقة علي ما حدث بقوله: «الحوادث متكررة في منطقة المعادي الجديدة وصقر قريش ومساكن الضباط، خاصة أن التواجد الأمني ضعيف».
وأشار إلي أن «هناك قطعة أرض فضاء علي مساحة كبيرة، ولا يوجد بها أي إنارة ورغم وجودها بالقرب من المساكن ومجمع المدارس إلا أنها تدار ليلاً لأعمال منافية للآداب».

ويروي لنا محمد يوسف تفاصيل واقعة تعاطي مخدرات حدثت أمام عينيه بقوله: «في إحدي الليالي رأيت من نافذة شقتي إحدي الفتيات تجلس بجوار شاب داخل سيارة فارهة، وتقوم بربط يده وتعطيه حقنة، فقمت بتوبيخهما، وعندما سمعا صوتي أسرعا بالهرب من أمام المنزل».
ويرجع محمد أسباب المشكلة إلي الحدائق المظلمة المنتشرة في منطقة المعادي الجديدة وبجانب طريق الأوتوستراد، الأمر الذي يساعد الشباب علي تعاطي حقن المخدرات وممارسة الجنس الجماعي دون أن يستطيع أحد التصدي لهم.

ويضيف: «لدينا بنت في العمارة التي أسكن بها جاءت من المدرسة في شهر رمضان الماضي وهي مرعوبة، لأنها رأت شاباً يجري خلف الأطفال ويضرب طفلة بآلة حادة، وبعد أيام من هذه الواقعة فوجئنا بأن شعر الطفلة -وتدعي مريم- قد ابيض من الرعب والفزع».

محمد العنتبلي، محاسب بإحدي الشركات الخاصة، ووالد الطفلة مريم أكد لنا صحة هذه الواقعة بقوله: «ابنتي في الصف السادس الابتدائي بمدرسة مصطفي كامل، وذات يوم ذهبت لاصطحابها من المدرسة فوجدت الفراش يمسك بيد طفلة صغيرة مغمي عليها وغارقة في دمائها، فأصابني الفزع وبحثت عن طفلتي فوجدتها تبكي وتصرخ بأن هناك سفاحاً يذبح الأطفال، وعندما رجعنا إلي البيت اكتشفت أن جزءاً من شعرها ابيض من الخوف».
إنچي، طفلة أخري اغتالت مشاعر الرعب والذعر براءة طفولتها التي لم تتخط ٨ سنوات، تروي لنا إنچي ما حدث لها بقولها: «قبل شهر رمضان كنت رايحة أجيب حاجة لماما من الشارع المجاور لنا وكانت الساعة ١١ الظهر، وبعدين واحد جه وضربني بسكينة تحت رجلي، وأشارت إلي مؤخرتها. وتكمل: أنا خفت ورجعت جري علي البيت ولما وصلت، ماما لقت هدومي كلها دم وأخذتني إلي المستشفي، وهناك عملوا لي ٧ غرز وعملية تجميل».

وعلمت «المصري اليوم» أن أسرة «إنچي» حررت محضراً بواقعة التعدي عليها في قسم شرطة البساتين يحمل رقم ٣٩٧٧٠ لسنة ٢٠٠٦ جنح البساتين.
وتقول السيدة آمال أحمد محمد، مدرسة ثانوي عام، ومن سكان مساكن الضباط بالمعادي: «ابنتي الصغيرة في الصف الثاني الابتدائي، حكت لي برعب ما حدث مع زميلتها إنچي التي طعنت في مؤخرتها، في البداية كنت أظنها محاولة للسرقة إلي أن خرجت يوم الخميس الماضي في حوالي الساعة ٣٠.١ ظهراً علي صوت صراخ ووجدت فتاة ملقاة علي الأرض في مدخل العمارة وعمرها تقريباً ١١ سنة، فحملتها إلي المستشفي وأنا أظن أنها ابنة جارتي وأنها في حالة عصبية، وأن الذي ينزل منها بول وليس دماً، وفي المستشفي قال لي الأطباء إن البنت مطعونة بآلة حادة من الخلف، وعندما أفاقت البنت قالت إن شاباً طعنها من الخلف بآلة حادة وهرب قبل أن تتعرف عليه».

ويقول عاطف علي (أحد السكان): «منذ شهر رمضان الماضي حدث العديد من وقائع الاعتداء علي بعض الفتيات في المنطقة بالسكاكين والأمواس أثناء سيرهن في بعض الطرقات والشوارع الموجودة بمنطقة صقر قريش ومساكن العرائس، وهو ما أصاب الأهالي بحالة من الفزع والرعب علي بناتهن، خاصة أن من يعتدي علي الفتيات لا يفعل ذلك بدافع معروف ولا بدافع سرقتهن، وإنما يظهر أمامهن فجأة ويقوم بإصابة الفتيات ثم يفر هارباً ويتركهن غارقات في دمائهن».

ويضيف عاطف: «عمارات العرائس هي منطقة أنشئت عام ١٩٨٩ لتكون مساكن للشباب يتزوجون فيها، وأحيطت بالأشجار، وبعد عدة سنوات تغير المكان تماماً وباع بعض سكان المنطقة شققهم وتحولت إلي وكر لتعاطي المواد المخدرة، خاصة في فترة الليل، حيث تزيد وقائع الجنس العلني التي تحدث أمام السكان وسط الحدائق، ولا أحد يستطيع التحرك أو التدخل لمنع هذه الوقائع الخطيرة، لأن هؤلاء الشباب يحملون أسلحة ويهددون بها أي شخص يعترض طريقهم».

ويصف لنا عاطف ما يحدث بالليل -وهو ما اتفق عليه مع سكان المنطقة- بقوله: «في الليل تأتي مجموعات من الشباب بسياراتهم الفارهة ويقومون بتعاطي المواد المخدرة وممارسة الجنس، وفي الصباح يجد الأهالي زجاجات البيرة والخمور وسرنجات تظهر عليها بقايا الدماء».

وعند مدخل المعادي الجديدة من طريق الأوتوستراد المقابل لمساكن العرائس، اصطحبنا عاطف وبعض أهالي المنطقة مساء يوم السبت ٢٣/١٢ إلي مساحة كبيرة من الأرض الفضاء التي تحيطها الأشجار، وتقع بجانب مسجد القدس ويقطعها ممر لعبور المشاة القادمين من طريق الأوتوستراد، لنشاهد علي أرض الواقع آثار ليلة من حفلات التعاطي والجنس الجماعي التي يمارسها الشباب في هذه المنطقة،

وهناك لاحظنا زجاجات الخمر الفارغة الملقاة علي الأرض وبعض السرنجات الملوثة بالدماء، وكانت المفاجأة عندما وجدنا بعض الأطفال أثناء لعبهم يخرجون كيساً كان مخبئاً تحت بعض أغصان الشجر وكمية من التراب، وسرعان ما تجمع عدد من سكان المنطقة وشبابها حولنا، وأكدوا أن الكيس يحتوي علي كمية من البانجو،

وعلي الفور اتصل أحدهم بقسم البساتين للإبلاغ عن الأمر، وحضر ثلاثة من رجال المباحث وقاموا بضبط الكيس وتطهير الموقع من المخدرات، ولكنهم تركوا وراءهم الخوف والرعب الذي يسكن أهالي المنطقة من حفلات الليل والشاب مجهول الهوية الذي ينطلق بحرية في شوارع المعادي الجديدة ليرهب الفتيات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق